فصل: قال الغزنوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الغزنوي:

ومن سورة النور:
1 {سُورَةٌ} هذه سورة إذ لا يبتدأ بالنكرة، والسّورة المنزلة المتضمنة لآيات متصلة.
{أَنْزَلْناها} أمرنا جبريل بإنزالها.
{وَفَرَضْناها} فرضنا العمل بها، وَفَرَضْناها: فصّلناها.
والفرض واجب بجعل جاعل، والواجب قد يكون بغير جاعل كشكر المنعم والكف عن الظّلم.
2 {الزَّانِيَةُ} على تقدير فيما فرض، وإلّا كان نصبا على الأمر.
والابتداء ب {الزانية} بخلاف آية السّارق لأنّ المرأة هي الأصل في الزنا وزناهنّ أفحش وأقبح.
3 {وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ} هو نكاح وطء لا عقد فإنّ غير عني بالنكاح في هذا الموضع: الوطء، وأن الآية نزلت في البغايا المشركات ذوات الرايات، وذلك لقيام الحجة على أن الزانية من المسلمات حرام على كل مشرك، وأن الزاني من المسلمين حرام عليه كل مشركة من عبدة الأوثان. فمعلوم إذ كان ذلك كذلك، أنه لم يعن بالآية أن الزاني من المؤمنين لا يعقد عقد نكاح على عفيفة من المسلمات، ولا ينكح إلا بزانية أو مشركة. وإذ كان ذلك كذلك، فبين أن معنى الآية: الزاني لا يزني إلا بزانية لا تستحل الزنا، أو بمشركة تستحله اهـ.
واستبعد الزجاج في معانيه: 4/ 29 قول الطبري، ورده الزمخشري في الكشاف: 3/ 49 لأمرين فقال: أحدهما: أن هذه الكلمة أينما وردت في القرآن لم ترد إلا في معنى العقد.
والثاني: فساد المعنى وأداؤه إلى قولك: الزاني لا يزني إلا بزانية والزانية لا يزني بها إلا زان.
وانظر أقوال العلماء في هذه المسألة في تفسير الماوردي: 3/ 109، وأحكام القرآن لابن العربي: 3/ 1329، وتفسير القرطبي: 12/ 167، وتفسير آيات الأحكام للسائس (3/ 117- 122): الزاني يستقذر الزّانية ولا يشتهيها.
5 {إِلَّا الَّذِينَ تابُوا} الاستثناء من الفسق لأنّ ما قبله ليس من جنسه، لأنّه اسم وخبر وما قبله فعل وأمر.
6 {فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ} نصبه لوقوعه موقع المصدر أو مفعول به، كأنّه يشهد أحدهم الشّهادات الأربع، فتكون الجملة مبتدأ والخبر{إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} ومن رفع أَرْبَعُ جعله خبر {شهادة}.
11 {بِالْإِفْكِ} بالكذب لأنّه صرف عن الحق.
{بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} لأنّ اللّه برّأها، وأثابها.
{وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ} عبد اللّه بن أبيّ بن سلول، جمعهم في بيته، ومن عدّ حسّان بن ثابت معه عدّ حدّه، وذهاب بصره من عذابه العظيم.
16 {وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ} هلّا.
15 {تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} كلّما سمعه سامع نشره كأنّه تقبّله.
وقراءة عائشة: {تَلَقَّوْنَهُ} وهو الاستمرار على الكذب.
وشأن الإفك أنّها في غزوة بني المصطلق تباعدت لقضاء الحاجة، فرجعت وقد رحلوا، وحمل هودجها على أنّها فيه، فمرّ بها صفوان بن المعطّل السّهمي فأناخ لها بعيره وساقه حتى أتاهم بعد ما نزلوا.
22 {وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ} لا يحلف على حرمان أولي القربى، {أَنْ يُؤْتُوا} أن لا يؤتوا. في أبي بكر- رضي اللّه عنه- حين حرم.
24 {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ} شهادتهما بأن يبنيهما اللّه بنية تنطق. وشهادة الألسنة بعد شهادتهما لما رأوا أنّ الجحد لم ينفعهم.
ويجوز أن يخرج الألسنة ويختم على الأفواه.
25 {يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ} جزاءهم.
27 {تَسْتَأْنِسُوا} تستبصروا، أي: تطلبوا من يبصركم.
وقيل: {تَسْتَأْنِسُوا} بالتنحنح والكلام الذي يدل على الاستئذان.
29 {بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ} حوانيت التجار ومناخات الرّحال للسّابلة.
31 {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ} أمر لهن بالاختمار على أستر ما يكون دون التطوّق بالخمار.
{أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ} من الإماء.
{أَوِ التَّابِعِينَ} الذي يتبعك بطعامه ولا حاجة له في النساء.
وقيل: هو العنّين. وقيل: الأبله الذي لا يقع في نفوس النساء.
{لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ} لم يبلغوا أن يطيقوا النساء، ظهر عليه: قوي.
{وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ} إذ إسماع صوت الزينة كإظهارها، ومنه سمّي صوت الحليّ وسواسا.
33 {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} قوة على الاحتراف. وقيل: صدقا ووفاء.
{وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ} هو حطّ شيء من الكتابة على الاستحباب. أو سهمهم من الصّدقة.
35 {اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} هادي أهلها، ومدبّر أمرها.
أو منوّرهما، كما يقال: هو زادي، أي: مزوّدي.
{كَمِشْكاةٍ} كوّة لا منفذ لها.
{كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} منسوب إلى الدّر في حسنه وصفائه.
مِنْ {شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ} لأنّ اللّه بارك في زيتون الشّام، وزيتها أضوأ وأصفى، ويسيل من غير اعتصار.
{لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ} ليست من الشّرق دون الغرب، أو الغرب دون الشّرق لكنها من شجر الشّام واسطة البلاد بين المشرق والمغرب.
أو ليست بشرقية في جبل يدوم إشراق الشّمس عليها، ولا غربية نابتة في وهاد لا يطلع عليها الشّمس، بل المراد أنها ليست من شجر الدنيا التي تكون شرقية أو غربية ولكنها من شجر الجنّة، وكما قال بأنه مَثَلُ نُورِهِ فلا يؤول على ظاهره، ولكن نور اللّه: الإسلام، والمشكاة: صدر المؤمن، والزّجاجة: قلبه، والمصباح: فيه الإيمان، والشّجرة المباركة: شجرة النّبوة.
وفي هذا القول تكلف ظاهر لأن اللّه سبحانه وتعالى أثبت لنفسه نورا فلا حاجة لمثل هذا التأويل، ويقال في إثباته كما يقال في بقية صفاته.
ولا يلزم من المثل التشبيه، وإنما تقريب ذلك إلى الأذهان، وللّه المثل الأعلى.
{نُورٌ عَلى نُورٍ} فهو يتقلب في خمسة أنوار: فكلامه نور، وعمله نور، ومدخله نور، ومخرجه نور، ومصيره إلى النور يوم القيامة.
36 {فِي بُيُوتٍ} أي: المساجد، أي: هذه المشكاة فيها.
والبيع قد يكون لغير التجارة فجمع بينهما.
37 {تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ} ببلوغها إلى الحناجر، وَالْأَبْصارُ:
بالشّخوص والزّرقة والردّ على الأدبار.
39 {كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ} جمع قاع ك جار وجيرة.
والسّراب: شعاع يتكثف فيتسرّب ويجري كالماء تخيّلا.
40 {فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ} مضاف إلى اللّجة وهو معظم البحر.
{ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ} ظلمة اللّيل، وظلمة السّحاب، وظلمة البحر، مثل الكافر في ظلمة حاله واعتقاده ومصيره إلى ظلمة النار.
{إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها} لم يرها إلّا بعد جهد، أو لم يرها ولم يكد، وهي نفي مقاربة الرّؤية، أي: لم يقارب أن يراها.
41 {وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ} مصطفة الأجنحة في الهواء.
{كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ} الإنسان، وَتَسْبِيحَهُ: ما سواه.
43 {يُزْجِي سَحابًا} يسيّره ويسوقه.
{رُكامًا} متراكبا.
والودق: المطر لخروجه من السّحاب، ودقت سرّته: خرجت فدنت من الأرض.
{وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ} {من} لابتداء الغاية.
{مِنْ جِبالٍ} للتبيين فيها، مِنْ بَرَدٍ: للتبعيض لأنّ البرد بعض الجبال والجبال هي السّحاب على الكثرة والمبالغة.
45 {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ} أصل الخلق من الماء، ثم قلب إلى النّار فخلق منه الجن، وإلى الريح فخلق منه الملائكة، وإلى الطين فخلق منه آدم.
53- {قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ} أي: طاعة أمثل من أن تقسموا.
أو {طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ} أولى من طاعتكم المدخولة أو طاعتكم معروفة أنها كاذبة قول بلا عمل.
58 {وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ} أي: وهو مميّز ويصف.
{ثَلاثُ عَوْراتٍ} أوقات عورة وخصّها بالاستئذان لأنّها أوقات تكشّف وتبذل.
60 {وَالْقَواعِدُ} اللاتي قعدن بالكبر عن الحيض والحبل.
{غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ} غير مظهرات زينتها.
61 {أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ} من أموال عيالكم أو بيوت أولادكم.
{أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ} ما يتولاه وكيل الرّجل في ماله وضياعه، فيأكل مما يقوم عليه، أو هو فيما يتولاه القيّم من أموال اليتامى.
وفي حديث الزهري: كانوا إذا خرجوا إلى المغازي يدفعون مفاتيحهم إلى الضّيف ليأكلوا مما في منازلهم فتوقّوا أكله، فنزلت: {أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ}.
{أَوْ صَدِيقِكُمْ} إذا كان الطعام حاضرا غير محرز، أو كان الصديق بحيث لا يحتجب بعضهم عن بعض في مال ونفس.
{فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ} أي: بيوتا فارغة فقولوا: السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين.
62 {عَلى أَمْرٍ جامِعٍ} الجهاد وكل اجتماع في اللّه حتى الجمعة والعيدين.
63 {لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ} أي: تحاموا عن سخطته فإنّ دعاءه مسموع.
وقيل: لا تدعوه باسمه ولكن: يا رسول اللّه.
{يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذًا} يلوذ بعضهم ببعض ويستتر به حتى ينسلّ من بين القوم فرارا من الجهاد. اهـ. تفسير سورة النّور.

.قال ملا حويش:

عدد 16 و102 و24
نزلت بالمدينة بعد سورة الحشر عدا الآية 55 على القول بأنها مكية.
وهي أربع وستون آية والف وثلاثمائة وستّ عشرة كلمة وخمسة آلاف وتسعمئة وثمانون حرفا.
لا يوجد سورة مبدوءة بما بدأت به، وقد ختمت سورة النّساء والأنفال بما ختمت به، ولا يوجد مثلها في عدد الآي.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
قال تعالى: {سُورَةٌ} عظيمة جليلة مشتملة على قصص وأحكام وعبر ومواعظ وحدود وأمثال قد {أَنْزَلْناها} على رسولنا محمد ليتلوها على قومه وجميع خلقنا {وَفَرَضْناها} أوجبناها وكلفناه وأمته بما فيها من الأحكام {وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ} أيها النّاس {تَذَكَّرُونَ} بما فيها فتتعظون وتعتبرون بها فهي ظاهرة لا تحتاج إلى تأويل أو تفسير.
ثم بين أول أحكامها فقال عز قوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} من أي ملة كانا وقد رفع أمرهما إليكم أيها الحكام {فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما} إذا لم يكونا محصنين {مِائَةَ جَلْدَةٍ} ضربة على جلده مباشرة دون حائل ما، وبهذا القيد يمتاز عن الضّرب لأنه يكون مع الحائل وغيره، وما يستر العورة من البزّ الرّقيق لا يعد حائلا لأنه لا يقي ألم الضّرب {وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ} عليهما فتتأثروا أو تجرءوا على الشّفاعة بهما، لأنها لا تجوز بوجه من الوجوه في حد من حدود اللّه تعالى، لأنها تقتضي إلى تعطيل الأحكام فيفشو الفساد في الأرض وتكثر الجرأة على محارم اللّه إذا تهاون النّاس بها ولم ينفذوها، وهذا لا يجوز {فِي دِينِ اللَّهِ} الذي يجب التصلب فيه والقيام بشعائره والمحافظة عليه {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} فلا تتقاعوا عن تنفيذ أوامره وتهملوا حدوده {وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} لا يقلون عن أربعة وذلك نصاب شهادة الزنى، وإنما أمر بالإشهاد زيادة في الرّوع والزجر وتشهيرا لحال الزناة وتحذيرا من الإقدام عليه وتنفيرا من قربانه.
ويشترط لإقامة هذا الحكم الشّرعي على الزاني أن يكون حرا عاقلا بالغا مسلما غير محصن، ثابت عليه بأربعة شهود عيان، وكذلك المرأة، وسيأتي أن الإسلام ليس بشرط لإقامة هذا الحد.
وعلى العبد والأمة غير المحصنين نصف ذلك، أما المحصنان من الأحرار فيرجمان بالأحجار والعظام وشبهها حتى بموتا، أما العبد والأمة فلا يرجمان لأن الموت لا ينصف إذ يشترط للرجم الحربة والإسلام والإحصان والعقل والبلوغ والنّكاح الصّحيح والدّخول، فإن فقدوا واحدا منها فلا رجم، بل يصار إلى الحد أي الضّرب للحر أو الحرة مئة وللعبد والأمة خمسون.